6 نصائح مثبتة علمياً لتعلم طريقة التعلم
تعلم كيفية التعلم هو مفتاح النجاح في الحياة الأكاديمية والمهنية، وله تأثير طويل الأمد على القدرة على استيعاب المعلومات وحل المشكلات بكفاءة. يعد فهم أسس كيفية التعلم بشكل أفضل من المهارات الضرورية في عصرنا الحالي، خاصة مع كثرة المعلومات التي نواجهها يومياً في مجالات متعددة. من خلال تطبيق بعض المبادئ العلمية المدروسة، يمكن للأفراد تحسين طرق تعلمهم وزيادة قدرتهم على استيعاب المعلومات وتذكرها.
فيما يلي 6 نصائح مثبتة علمياً تساعدك على تعلم طريقة التعلم بشكل أكثر فعالية:
1. استخدم المراجعة المتباعدة (Spaced Repetition)
من أبرز الاستراتيجيات التي أثبتت الأبحاث العلمية فعاليتها في تعزيز التعلم هي المراجعة المتباعدة. تعتمد هذه الطريقة على توزيع المراجعة على فترات زمنية متباعدة بدلاً من جمعها في جلسات قصيرة متتالية. أظهرت الدراسات أن الدماغ يقوم بتخزين المعلومات بشكل أفضل عندما يتم مراجعتها على مدى فترة زمنية تمتد من ساعات إلى أيام وأسابيع بعد التعلم الأولي.
أحد الأبحاث الشهيرة التي دعمته هو “مبدأ إيبينغهاوس للنسيان” الذي أشار إلى أن الإنسان ينسى ما تعلمه بسرعة بعد التعلم، لكن مع مراجعة هذه المعلومات بعد فترة من الزمن، يتم تقليل سرعة النسيان بشكل ملحوظ. المراجعة المتباعدة تتيح للمخ إعادة تنشيط المعلومات المخزنة بشكل دوري، مما يعزز التذكر على المدى الطويل.
2. التعلم النشط والمشاركة الفعالة (Active Learning)
التعلم النشط هو عملية يتفاعل فيها المتعلم مع المحتوى بدلاً من الاكتفاء بالاستماع أو القراءة فقط. يعتمد هذا النهج على الاستفسار، التطبيق العملي، والحوار، وهو ما يساعد الدماغ على ربط المعلومات وتثبيتها بشكل أفضل. تشير الدراسات إلى أن المشاركين في جلسات التعلم النشط يمتلكون قدرة أكبر على استرجاع المعلومات مقارنةً بالذين يقتصر تعلمهم على أساليب سلبية مثل الاستماع أو القراءة.
بعض الأنشطة التي تدخل ضمن التعلم النشط تشمل كتابة الملاحظات بطريقة مبدعة، المناقشات الجماعية، وحل المشكلات التفاعلي. من خلال هذه الأنشطة، يُحفز الدماغ على التفكير النقدي ويُعزز قدرات الفهم العميق للموضوع.
3. التنوع في أساليب التعلم (Multimodal Learning)
تتضمن أساليب التعلم المتعددة استخدام أكثر من حاسة أو أسلوب واحد أثناء تعلم المادة. أظهرت الأبحاث أن دمج الأساليب المختلفة مثل القراءة، الاستماع، المشاهدة، والممارسة العملية يزيد من احتمالية الاحتفاظ بالمعلومات. الدماغ البشري يعالج المعلومات بشكل أكثر فعالية عندما يتم تحفيزه عبر طرق متعددة، مما يسهم في تخزين المعلومات في مناطق مختلفة من الدماغ.
على سبيل المثال، إذا كنت تتعلم موضوعاً معقداً، يمكن أن يكون من المفيد قراءة المادة، ثم الاستماع إلى محاضرة أو مشاهدة فيديو توضيحي، وأخيراً محاولة تطبيق المعلومات من خلال حل مشكلة أو تجربة عملية. هذا التنوع يزيد من فرص الاحتفاظ بالمعلومة ويسهم في تعميق الفهم.
4. استخدام “التعلم عبر التدريس” (Learning by Teaching)
أحد الطرق الفعالة في تعلم مادة معينة هي تعليم الآخرين. عندما يقوم الفرد بشرح المعلومات للآخرين، يتعين عليه أن يواجه العديد من الأسئلة ويكتشف الزوايا المختلفة للموضوع، مما يعزز الفهم ويُسهم في ترسيخ المعرفة. يشير البحث العلمي إلى أن تعليم الآخرين يعزز الفهم العميق ويوفر فرصة للتفكير النقدي، كما يساعد على كشف الفجوات في المعرفة الشخصية.
تستند هذه الطريقة على مبدأ “التعلم عبر التدريس” الذي أكده العديد من الباحثين في علم النفس التربوي. من خلال شرح المعلومات، يعيد الفرد تنظيمها في عقله بطريقة أكثر وضوحاً، مما يعزز من حفظ المعلومات واكتسابها على المدى الطويل.
5. الاستراحات المنتظمة وتوزيع الوقت (Pomodoro Technique)
يعتبر الدماغ البشري غير قادر على التركيز لفترات طويلة دون الحاجة إلى استراحة، وهذا يتطلب تنظيم الوقت بطريقة تُسهم في تجنب التعب الذهني. واحدة من الأساليب الفعالة التي يعتمدها الكثيرون هي تقنية بومودورو (Pomodoro)، التي تعتمد على تقسيم الوقت إلى فترات من 25 دقيقة من التركيز الكامل تليها استراحة قصيرة لمدة 5 دقائق.
الأبحاث أظهرت أن أخذ استراحات منتظمة يمكن أن يحسن القدرة على التعلم ويزيد من الإنتاجية. خلال هذه الفترات القصيرة من الاستراحة، يتناغم الدماغ مع الجهد المبذول أثناء الدراسة أو العمل، مما يعيد تنشيطه ويحسن قدرته على معالجة المعلومات. توصي الأبحاث أيضاً بأخذ استراحة أطول (15-30 دقيقة) بعد مرور 4 فترات بومودورو متتالية.
6. التغذية السليمة والنوم الجيد
عند الحديث عن تعلم كيفية التعلم، لا يمكن تجاهل أهمية الصحة البدنية. تشير الدراسات العلمية إلى أن التغذية السليمة والنوم الجيد لهما تأثير مباشر على القدرة على التركيز والاستيعاب والتذكر. الدماغ يحتاج إلى الطاقة ليعمل بشكل فعال، والنوم الجيد يعزز من القدرة على حفظ المعلومات وتثبيتها.
الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن، مثل الخضروات والفواكه، تُساعد الدماغ على العمل بكفاءة. وفيما يتعلق بالنوم، أظهرت الدراسات أن النوم الكافي يعزز من عملية التثبيت العصبي، وهي عملية يتم من خلالها تحويل المعلومات من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى. لذا، فإن الحصول على قسط كافٍ من النوم بعد تعلم شيء جديد يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على قدرتك على تذكر المعلومات.
الخاتمة
إن تعلم كيفية التعلم هو أحد أهم المهارات التي يمكن أن يمتلكها الفرد في عالمنا الحديث. من خلال تطبيق النصائح الستة المبنية على الأبحاث العلمية، يمكن للطلاب والمحترفين تحسين طرق تعلمهم وزيادة قدرتهم على استيعاب المعلومات بشكل أفضل وأسرع. إن القدرة على تنظيم الوقت، استخدام استراتيجيات التعلم الفعالة، وضمان الصحة الجسدية والعقلية تساهم جميعها في تعزيز القدرة على التعلم واسترجاع المعلومات على المدى الطويل.
